من دفتر الطرائف السياسية.. بين السادات وهيكل و«صورة ناصر» وصحيفة برافدا السوفيتية
يروي الكاتب طاهر عبد الرحمن واحدة من الطرائف التي تكشف جانبا من العلاقة المركبة بين الرئيس الراحل أنور السادات والصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، التي كانت دوما مزيجا من الود والاختلاف، ومن السياسة والإعلام والفكاهة المصرية الخالصة.
بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر، أراد السادات، بدافع الوفاء، وربما السياسة أيضا أن تبقى صورته حاضرة في وجدان الناس، فطلب من هيكل أن يضع صورة ناصر يوميا على الصفحة الأولى من جريدة الأهرام إلى جوار العنوان الرئيسي، قائلا له: «الزعيم الخالد لازم يبقى دايما معانا».
لكن هيكل، الصحفي الذي لا يجيد المجاملة، رفض الطلب بهدوء.
وبعد أيام، فوجئ بأن جريدة الأخبار، ورئيس تحريرها آنذاك موسى صبري، قد نفذت ما أراده السادات تماما، فوضعت صورة عبد الناصر إلى جوار المانشيت.
حين التقى السادات بهيكل بعدها، قال له بابتسامة المنتصر اللطيف: «شفت؟ موسى عملها! زي ما جريدة برافدا السوفيتية بتحط صورة لينين جنب المانشيت كل يوم».
ابتسم هيكل تلك الابتسامة التي تسبق المفارقة، ورد قائلا: «يا سيادة الرئيس، برافدا مش بتحط صورة واحدة، ولكنها وضعت صورتين، ولكنها ليست صورة لينين، دول بيحطوا صورتين لوسام لينين، الجائزة اللي خدتها الجريدة مرتين في الحرب العالمية التانية».
ساد الصمت لحظة، قبل أن ينفجر السادات ضاحكًا من قلبه: «يا راجل.. مش كنت تقولي!»
وهكذا، بين ذكاء الصحفي وفكاهة السياسي، انكشفت الحكاية الصغيرة التي تلخص روح زمن كانت فيه الصحافة شريكا في صناعة التاريخ، لا مجرد ناقل له، وكانت المفارقات السياسية تروى بابتسامة تحمل من المعنى أكثر مما تقوله الكلمات.





